اللاجئون بين الهوية الوطنية الفلسطينية ومشاريع التوطين
صفحة 1 من اصل 1
اللاجئون بين الهوية الوطنية الفلسطينية ومشاريع التوطين
اللاجئون بين الهوية الوطنية الفلسطينية ومشاريع التوطين
د. إبراهيم علوش
نظرياً، يمكن أن تفهم دعوة محمود عباس لتجنيس الفلسطينيين في الدول العربية بعدة طرق قد تختلف وقد لا تختلف مع حق العودة كما يدعي السيد عباس، ولكنها لا يمكن أن تفهم بأية حال خارج التناقضات والصراعات المرتبطة بالقضية الفلسطينية. فالسياق في السياسة هو كل شيء، والأطروحة السياسية بذاتها خارج السياق لا شيء.
فمنذ عقود خلت ونحن نرى الدعاية الصهيونية في الغرب وهي تظهر مساحة فلسطين الصغيرة على خلفية مظللة لخريطة الوطن العربي تحت عنوان: ألا يحق لليهود مكان صغير خاص بهم في هذا العالم؟ وما دام الفلسطينيون عرباً، لمَ لا يذهبون للإقامة في تلك المساحات الواسعة خارج فلسطين؟! وما زلنا نستطيع أن نرى حتى اليوم مثل هذه الخرائط المظللة على بعض المواقع الصهيونية على الإنترنت. والمعنى هنا صهيوني بالضرورة لأنه يوظف عروبة الفلسطينيين الأصيلة (الأطروحة) لتبرير مشروع التوطين (السياق).
وقد كان لغولدا مائير مقولة مأثورة: "ليس هناك شيء اسمه فلسطينيون. إنهم غير موجودين"، ومن هنا جاء المصطلح التطبيعي "عرب إسرائيل" للإشارة للعرب الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948. ولذلك كان طبيعياً أن تصدر الجامعة العربية قبلها، في عز فترة النهوض القومي عام 1958، توصية بعدم تجنيس اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية للحفاظ على الهوية الوطنية الفلسطينية، فهي ضرورة قومية في السياق التحرري- وهي هنا هوية مناهضة للصهيونية، لا جاهلية قطرية عربية أخرى كما أصبحت لاحقاً، خاصة بعدما تخلت الأنظمة العربية عن مسؤولياتها تجاه القضية الفلسطينية تحت عنوان نرضى بما يرضى به الفلسطينيون.
بالتالي، يجيء تصريح سفير السلطة الفلسطينية لدى الجامعة العربية محمد صبيح أن توصية الجامعة العربية بعدم تجنيس الفلسطينيين قد سقطت بالتقادم، بعيد دعوة عباس الدول العربية عملياً لتجنيس الفلسطينيين، تثبيتاً لسياق التوطين، والتتمة المنطقية لذلك السياق هي نزع الصفة القومية المعادية للصهيونية عن الهوية الفلسطينية، وتكريس البعد الجاهلي لهوية السلطة الفلسطينية كقطرية عربية أخرى بعد التخلص من مشكلة اللاجئين بإلقائها بحضن القطريات الأخرى.
وعلى الطرف النقيض تماماً، نفهم تضييق الحكومة اللبنانية الشديد على اللاجئين الفلسطينيين لديها ضمن السياق نفسه. فتحت ذريعة منع التوطين، حرم الفلسطيني في لبنان على مدى عقود من أبسط حقوقه كإنسان، ومنع من العمل في عشرات المهن، ومن التملك، ومن الإقامة بشكل طبيعي، وضيق عليه في السفر والتنقل. ولكن تلك الممارسات تصب أيضاً في مشروع التوطين، لأنها تدفع اللاجئ الفلسطيني المسحوق في لبنان، أو غيره، ليقبل التوطين في بلد ثالث خارج فلسطين ولبنان، أو على الأقل خارج المدينة أو البلدة التي قدم منها في فلسطين.
السياق هو كل شيء إذن. فالقول أن الجزائر عربية لا يعني تركها للمستعمرين الفرنسيين وتوطين الجزائريين في الأردن أو شمال العراق مثلاً، والقول بحق العودة ورفض التوطين لا يعني تحويل حياة اللاجئين في لبنان أو غيره إلى جحيم، وفرق التفسير يكمن في المنطلق، وهل هو مقاوم أم تسووي.. ففي المنطلق المقاوم، فلسطين عربية من النهر إلى البحر كما أكد الميثاق الوطني الفلسطيني، والفلسطيني الذي يتجاهل احتياطه الاستراتيجي العربي والإسلامي يحبطه اختلال ميزان القوى فيسقط فوراً في مهاوي أوسلو وأخواتها. أما العربي المقاوم فيعتبر فلسطين قضيته ويعتبر الكيان الصهيوني موجهاً ضد كل الأمة.
ولكن السياق القومي المقاوم ليس بالتأكيد الذي جاءت عبره دعوات تجنيس اللاجئين في الدول العربية. بل جاءت على خلفية عدد من مشاريع التوطين والتخلي عن حق العودة، ومنها وثيقة نسيبة-يعالون، ووثيقة جنيف، وتقرير ميتشل، ومشروع بانوراما الكندي المعني باللاجئين في الأرض المحتلة، ومشروع كفيتاس المعني أساساً باللاجئين الفلسطينيين في الشتات. وكفيتاس بالتحديد ما برح يثير زوبعة في أوساط الفلسطينيين كمشروع يموله الاتحاد الأوروبي ويهدف لخلق "هياكل مدنية لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين، والجاليات الفلسطينية في بلدان الاغتراب"، أي لخلق أطر سياسية بين الفلسطينيين تتخلى عن حق العودة وتقبل بالتوطين.
ومن المعروف أن اتفاقية أوسلو التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية عام 1993 تركت القضايا المركزية، مثل قضية اللاجئين، لما يسمى مفاوضات الحل النهائي. والحل النهائي على الطريقة الصهيونية هو بالضبط ما تسعى لتحقيقه المشاريع المذكورة أعلاه. وبالرغم من أن معارضي مشروع كفيتاس، وهم الأغلبية الساحقة، يدعون لإعادة إحياء مؤسسات منظمة التحرير في الشتات لملء الفراغ الذي يحاول الاتحاد الأوروبي التسلل عبره لمصادرة التمثيل السياسي للاجئين، فإن ملف كنعان أون لاين على الإنترنت عن كفيتاس يشير بوضوح إلى أن محمود عباس رئيس منظمة التحرير قد كتب مذكرة للمديرة المسؤولة عن مشروع كفيتاس د. كرمة النابلسي، وهي بريطانية من أصل فلسطيني لا تتكلم العربية، يطلب فيها من سفارات ومكاتب المنظمة استضافة طاقم كفيتاس وتسهيل الأمور أمام المشروع من أجل عقد لقاءات ثنائية وجماهيرية مع هذا الطاقم.
وقد وثق د. إبراهيم حمامي في مقالة نشرت على لائحة القومي العربي وفي عدد من مواقع الإنترنت مجموعة من تصريحات عباس في وسائل الإعلام يشير فيها بوضوح لاستعداده العلني للتخلي عن حق العودة، منها تصريحه للمصور المصرية، وحديثه مع إذاعة البي بي سي في 2/1/2005، ومقابلته مع دير شبيغل في 21/2/2005، ورسالته لشارون التي تسربت للصحف في 23/7/2005، وتكرار الكلام أمام المجلس التشريعي في 9/8/2005.
وما زال النقاش مستعراً حول مخاطر مشروع كفيتاس الذي يدعو لمعرفة "ما يريده اللاجئ الفلسطيني"، دون أن يشير إلى حق العودة من قريب أو بعيد، والذي تأتي دعوة عباس لتجنيس الفلسطينيين على خلفيته. فهو مشروع: 1) يحاول إبراز هيئات تتحدث باسم اللاجئين في أماكن تواجدهم بشكل يفكك قضية اللاجئين نفسها، ويخلق "روابط قرى" فلسطينية خارج فلسطين، 2) يعتمد على منهجية المنظمات غير الحكومية الممولة أجنبياً في اختلاق هيئات تمثيل سياسية للاجئين ضمن سياق بلورة ما يسمى "المجتمع المدني" الذي تتبناه الإمبريالية عامةً وليس فقط فيما يتعلق باللاجئين، 3) يمهد الطريق لمشروع التوطين، حيث يتم التعامل مع اللاجئين هنا كأنهم نزلوا من المريخ، لا كنتاج طبيعي للاحتلال وللمشروع الأمريكي-الصهيوني.
ولكن معارضي المشروع، عن وجه حق بالتأكيد، عليهم أن يتعاملوا مع عدد من الأسئلة المهمة في مواجهته، مثلاً: 1) إذا كان الاعتراف بدولة "إسرائيل" يعني بالضرورة الاعتراف بحقها بالعيش بأمان، كيف يمكن أن تتبنى أطر سياسية تعترف بدولة العدو برنامج العودة والعودة تفجر "إسرائيل" من الداخل بالضرورة؟ إذن، أليس إسقاط مقررات المجالس الوطنية الفلسطينية المعترفة بدولة العدو، كما في الجزائر عام 1988، والإصرار على الميثاق الوطني الفلسطيني غير المعدل، مقدمة ضرورية لتتمكن المنظمة من التمسك فعلاً بحق العودة؟ 2) هل ينبع حق العودة من القرار 194 أم من الحق العربي التاريخي بأرض فلسطين؟ أليس بناء حق العودة على مقررات "الشرعية الدولية" مقدمة منطقية لشطب حق العودة عندما تكون "الشرعية الدولية" ألعوبة بيد الطرف الأمريكي-الصهيوني يستطيع أن يغيرها كما يشاء؟ 3) إذا كان اللجوء تاريخياً نتاج الاحتلال، هل يمكن الحديث عن العودة بدون تحرير؟ 4) هل يصح أن يتولى تمثيل اللاجئين من أسهم بإيصال القضية الفلسطينية إلى المآزق التي تمر بها من خلال موقعه باتخاذ القرار؟ 5) بالتالي، هل يمكن الحديث فعلاً عن إعادة إحياء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية على أسس وطنية دون تقييم كل مسيرة التسوية وما آلت إليه، مقابل تجارب التحرير في جنوب لبنان والعراق مثلاً؟
وكلها أسئلة تحتاج لإجابات معمقة إذا كنا نريد لمعارضتنا لمشروع التوطين الجديد أن يخرج عن حيز ردود الأفعال العابرة...
د. إبراهيم علوش
نظرياً، يمكن أن تفهم دعوة محمود عباس لتجنيس الفلسطينيين في الدول العربية بعدة طرق قد تختلف وقد لا تختلف مع حق العودة كما يدعي السيد عباس، ولكنها لا يمكن أن تفهم بأية حال خارج التناقضات والصراعات المرتبطة بالقضية الفلسطينية. فالسياق في السياسة هو كل شيء، والأطروحة السياسية بذاتها خارج السياق لا شيء.
فمنذ عقود خلت ونحن نرى الدعاية الصهيونية في الغرب وهي تظهر مساحة فلسطين الصغيرة على خلفية مظللة لخريطة الوطن العربي تحت عنوان: ألا يحق لليهود مكان صغير خاص بهم في هذا العالم؟ وما دام الفلسطينيون عرباً، لمَ لا يذهبون للإقامة في تلك المساحات الواسعة خارج فلسطين؟! وما زلنا نستطيع أن نرى حتى اليوم مثل هذه الخرائط المظللة على بعض المواقع الصهيونية على الإنترنت. والمعنى هنا صهيوني بالضرورة لأنه يوظف عروبة الفلسطينيين الأصيلة (الأطروحة) لتبرير مشروع التوطين (السياق).
وقد كان لغولدا مائير مقولة مأثورة: "ليس هناك شيء اسمه فلسطينيون. إنهم غير موجودين"، ومن هنا جاء المصطلح التطبيعي "عرب إسرائيل" للإشارة للعرب الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948. ولذلك كان طبيعياً أن تصدر الجامعة العربية قبلها، في عز فترة النهوض القومي عام 1958، توصية بعدم تجنيس اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية للحفاظ على الهوية الوطنية الفلسطينية، فهي ضرورة قومية في السياق التحرري- وهي هنا هوية مناهضة للصهيونية، لا جاهلية قطرية عربية أخرى كما أصبحت لاحقاً، خاصة بعدما تخلت الأنظمة العربية عن مسؤولياتها تجاه القضية الفلسطينية تحت عنوان نرضى بما يرضى به الفلسطينيون.
بالتالي، يجيء تصريح سفير السلطة الفلسطينية لدى الجامعة العربية محمد صبيح أن توصية الجامعة العربية بعدم تجنيس الفلسطينيين قد سقطت بالتقادم، بعيد دعوة عباس الدول العربية عملياً لتجنيس الفلسطينيين، تثبيتاً لسياق التوطين، والتتمة المنطقية لذلك السياق هي نزع الصفة القومية المعادية للصهيونية عن الهوية الفلسطينية، وتكريس البعد الجاهلي لهوية السلطة الفلسطينية كقطرية عربية أخرى بعد التخلص من مشكلة اللاجئين بإلقائها بحضن القطريات الأخرى.
وعلى الطرف النقيض تماماً، نفهم تضييق الحكومة اللبنانية الشديد على اللاجئين الفلسطينيين لديها ضمن السياق نفسه. فتحت ذريعة منع التوطين، حرم الفلسطيني في لبنان على مدى عقود من أبسط حقوقه كإنسان، ومنع من العمل في عشرات المهن، ومن التملك، ومن الإقامة بشكل طبيعي، وضيق عليه في السفر والتنقل. ولكن تلك الممارسات تصب أيضاً في مشروع التوطين، لأنها تدفع اللاجئ الفلسطيني المسحوق في لبنان، أو غيره، ليقبل التوطين في بلد ثالث خارج فلسطين ولبنان، أو على الأقل خارج المدينة أو البلدة التي قدم منها في فلسطين.
السياق هو كل شيء إذن. فالقول أن الجزائر عربية لا يعني تركها للمستعمرين الفرنسيين وتوطين الجزائريين في الأردن أو شمال العراق مثلاً، والقول بحق العودة ورفض التوطين لا يعني تحويل حياة اللاجئين في لبنان أو غيره إلى جحيم، وفرق التفسير يكمن في المنطلق، وهل هو مقاوم أم تسووي.. ففي المنطلق المقاوم، فلسطين عربية من النهر إلى البحر كما أكد الميثاق الوطني الفلسطيني، والفلسطيني الذي يتجاهل احتياطه الاستراتيجي العربي والإسلامي يحبطه اختلال ميزان القوى فيسقط فوراً في مهاوي أوسلو وأخواتها. أما العربي المقاوم فيعتبر فلسطين قضيته ويعتبر الكيان الصهيوني موجهاً ضد كل الأمة.
ولكن السياق القومي المقاوم ليس بالتأكيد الذي جاءت عبره دعوات تجنيس اللاجئين في الدول العربية. بل جاءت على خلفية عدد من مشاريع التوطين والتخلي عن حق العودة، ومنها وثيقة نسيبة-يعالون، ووثيقة جنيف، وتقرير ميتشل، ومشروع بانوراما الكندي المعني باللاجئين في الأرض المحتلة، ومشروع كفيتاس المعني أساساً باللاجئين الفلسطينيين في الشتات. وكفيتاس بالتحديد ما برح يثير زوبعة في أوساط الفلسطينيين كمشروع يموله الاتحاد الأوروبي ويهدف لخلق "هياكل مدنية لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين، والجاليات الفلسطينية في بلدان الاغتراب"، أي لخلق أطر سياسية بين الفلسطينيين تتخلى عن حق العودة وتقبل بالتوطين.
ومن المعروف أن اتفاقية أوسلو التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية عام 1993 تركت القضايا المركزية، مثل قضية اللاجئين، لما يسمى مفاوضات الحل النهائي. والحل النهائي على الطريقة الصهيونية هو بالضبط ما تسعى لتحقيقه المشاريع المذكورة أعلاه. وبالرغم من أن معارضي مشروع كفيتاس، وهم الأغلبية الساحقة، يدعون لإعادة إحياء مؤسسات منظمة التحرير في الشتات لملء الفراغ الذي يحاول الاتحاد الأوروبي التسلل عبره لمصادرة التمثيل السياسي للاجئين، فإن ملف كنعان أون لاين على الإنترنت عن كفيتاس يشير بوضوح إلى أن محمود عباس رئيس منظمة التحرير قد كتب مذكرة للمديرة المسؤولة عن مشروع كفيتاس د. كرمة النابلسي، وهي بريطانية من أصل فلسطيني لا تتكلم العربية، يطلب فيها من سفارات ومكاتب المنظمة استضافة طاقم كفيتاس وتسهيل الأمور أمام المشروع من أجل عقد لقاءات ثنائية وجماهيرية مع هذا الطاقم.
وقد وثق د. إبراهيم حمامي في مقالة نشرت على لائحة القومي العربي وفي عدد من مواقع الإنترنت مجموعة من تصريحات عباس في وسائل الإعلام يشير فيها بوضوح لاستعداده العلني للتخلي عن حق العودة، منها تصريحه للمصور المصرية، وحديثه مع إذاعة البي بي سي في 2/1/2005، ومقابلته مع دير شبيغل في 21/2/2005، ورسالته لشارون التي تسربت للصحف في 23/7/2005، وتكرار الكلام أمام المجلس التشريعي في 9/8/2005.
وما زال النقاش مستعراً حول مخاطر مشروع كفيتاس الذي يدعو لمعرفة "ما يريده اللاجئ الفلسطيني"، دون أن يشير إلى حق العودة من قريب أو بعيد، والذي تأتي دعوة عباس لتجنيس الفلسطينيين على خلفيته. فهو مشروع: 1) يحاول إبراز هيئات تتحدث باسم اللاجئين في أماكن تواجدهم بشكل يفكك قضية اللاجئين نفسها، ويخلق "روابط قرى" فلسطينية خارج فلسطين، 2) يعتمد على منهجية المنظمات غير الحكومية الممولة أجنبياً في اختلاق هيئات تمثيل سياسية للاجئين ضمن سياق بلورة ما يسمى "المجتمع المدني" الذي تتبناه الإمبريالية عامةً وليس فقط فيما يتعلق باللاجئين، 3) يمهد الطريق لمشروع التوطين، حيث يتم التعامل مع اللاجئين هنا كأنهم نزلوا من المريخ، لا كنتاج طبيعي للاحتلال وللمشروع الأمريكي-الصهيوني.
ولكن معارضي المشروع، عن وجه حق بالتأكيد، عليهم أن يتعاملوا مع عدد من الأسئلة المهمة في مواجهته، مثلاً: 1) إذا كان الاعتراف بدولة "إسرائيل" يعني بالضرورة الاعتراف بحقها بالعيش بأمان، كيف يمكن أن تتبنى أطر سياسية تعترف بدولة العدو برنامج العودة والعودة تفجر "إسرائيل" من الداخل بالضرورة؟ إذن، أليس إسقاط مقررات المجالس الوطنية الفلسطينية المعترفة بدولة العدو، كما في الجزائر عام 1988، والإصرار على الميثاق الوطني الفلسطيني غير المعدل، مقدمة ضرورية لتتمكن المنظمة من التمسك فعلاً بحق العودة؟ 2) هل ينبع حق العودة من القرار 194 أم من الحق العربي التاريخي بأرض فلسطين؟ أليس بناء حق العودة على مقررات "الشرعية الدولية" مقدمة منطقية لشطب حق العودة عندما تكون "الشرعية الدولية" ألعوبة بيد الطرف الأمريكي-الصهيوني يستطيع أن يغيرها كما يشاء؟ 3) إذا كان اللجوء تاريخياً نتاج الاحتلال، هل يمكن الحديث عن العودة بدون تحرير؟ 4) هل يصح أن يتولى تمثيل اللاجئين من أسهم بإيصال القضية الفلسطينية إلى المآزق التي تمر بها من خلال موقعه باتخاذ القرار؟ 5) بالتالي، هل يمكن الحديث فعلاً عن إعادة إحياء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية على أسس وطنية دون تقييم كل مسيرة التسوية وما آلت إليه، مقابل تجارب التحرير في جنوب لبنان والعراق مثلاً؟
وكلها أسئلة تحتاج لإجابات معمقة إذا كنا نريد لمعارضتنا لمشروع التوطين الجديد أن يخرج عن حيز ردود الأفعال العابرة...
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى